يشتمل هذا الكتاب على جملة نافعة من المواعظ والعبر التي عايشها ابن الجوزي، والتي تأثر بها، وهو بالجملة كتاب يصلح لكل داعية أو خطيب حتى يرغب الناس ويرهبهم، جعل هذه المواعظ في خمسة وعشرين فصلا، ترجم لها بعناوين من قبيل: ابك على خطيئتك، امقت نفسك وازدرها، وجعل الفصول من الحادي عشر إلى التاسع عشر، على هيئة نقاط عشر من المواعظ حول كل ترجمة.
يعد هذا الكتاب من أجل وأشمل ما صنف في بابه، وهو كتاب عظيم القدر، كثير النفع، يبحث في السلوك وتزكية النفس، أقرب ما يكون إلى التصوف الحقيقي، ومعانيه، ودرجاته، ومراتبه، بالإضافة إلى تضمينه شيئًا من العقائد الصحيحة التي ينبغي أن تكون أساسًا عند المسلم. والكتاب بطوله -وكما يظهر من عنوانه- هو امتداد لتفسير سورة الفاتحة، وقد حوى الكتاب فوائد، وفرائد لا توجد في غيره، فلذلك كثر اعتناء العلماء به، فشرحه جماعة منهم، واختصره آخرون. وحاول المصنف أن يكون هذا الكتاب منارًا للرشد، ودليلًا لصراط الله المستقيم بشرح متن منازل السائرين، وتبسيطه، وردّ أخطائه، وتوضيح أوهامه وشطحاته، مع تقديمه لكثير من المخاطبات القلبية ذات القيم التربوية.
يعرض الكتاب لمن ينال أجره مرتين من خلال عشرة أصناف، وردت في عدة أحاديث نظمها المصنف في أبيات، ثم وقف على عدة أخرى، فأراد جمع ذلك كله في كتاب واحد فكان هذا الكتاب الذي تناول: جزاء أهل القرآن، وجزاء الحاكم المجتهد، وجزاء الصدقة على الأقارب، وفضائل الوضوء وثوابه، ومضاعفة الأجر لطالب العلم، ومضاعفة أجر الجنازة، وفضائل غسل الجمعة، وجزاء شهيد البحر، وغير ذلك من مسائل.
يعد هذا الكتاب امتدادا لكتاب المناهل الحسان، وقد قام مؤلفه بتوسيعه والزيادة فيه زيادات كثيرة ما بين حكم وأحكام وقواعد ومواعظ وآداب وأخلاق وقصائد زهديات ليكون جامعا نافعا صالحا ومناسبا لرمضان وغيره وللعالم والمتعلم وللأئمة وغيرهم، وقد بذل المؤلف جهدا في تهذيبه وتنقيحه وترتيبه وقد أكمل تشكيله ليعذب للسامع والقارئ ويسهل عليه، وقد تناول الكتاب العديد من الموضوعات المتنوعة والمتعددة، من عقيدة وصلاة وزكاة وصوم ورقائق وتزكية ومواعظ وحكم عديدة، ولعل ما يميز هذا الكتاب كثرة الشعر الذي يشمل كل أبواب الشريعة تقريبًا.